أراد: لن يراني صاحب لي أجتني سخطه حي يري الغراب يشيب. وقال آخر:
يرد حسري حدق العيون
وقوله خلافا للكوفيين في المنصوب الظاهر مطلقا يعني بالإطلاق هنا سواء أكانت الحال اسما أم كانت فعلا، فلا يجوز عندهم: لقيت راكبة هندا، ولا: لقيت تركب هندا. وعلتهم في منع لقيت راكبة هندا وشبهه مما الحال فيه اسم توهم كون الاسم مفعولا، وما بعده بدل منه؛ لأن الاسم وقع موقع المفعول، فغلب الفعل عليه، وسبق إليه، فتناوله الفعل كما يتناول الطعام والماء في نحو: أكلت الطعام، وشربت الماء.
وما ذهبوا إليه من اعتبار اللبس لا يلتفت إليه؛ لأن الذي يتبادر إليه الذهن إنما هو النصب علي الحال، ولو كان مثل هذا التوهم ملفتا إليه لم يجز: رأيت هنا ضاحكة؛ لاحتمال أن تكون ضاحكة بدلا من هند، وليس كذلك؛ لأن هذا الاحتمال ضعيف من جهة إبدال المشتق من الجامد، وقد تقدم ذكر السماع في الاسم، نحو: مسيئين أسرتي، وفي الفعل، نحو: يشيب الغرابا.
وقوله وفي المرفوع الظاهر المؤخر رافعه عن الحال يعني: وخلافا للكوفيين أيضا في هذه المسألة، ومثالها: مسرعا قام زيد.
وزعم بعض النحويين أن الكوفيين لا يمنعون تقديم حال المرفوع الظاهر إذا كان الفعل متقدما، نحو: قام مسرعا زيد، وإنما يمنعون تقديم حال المرفوع الظاهر