حرف العطف يقع بعده معطوفان وثلاثة، تقول: ضرب زيدٌ عمرًا وبشرٌ خالدًا، وضرب زيدٌ عمرًا بسوطٍ وبشرٌ خالدًا بجريدة، وأعلم زيد عمرًا كبشك سمينًا وبشرٌ خالدًا فرسك مُلجمًا، فهذا حرف العطف هنا قد عطف أربعةً على أربعة، والعجب للمصنف في ذلك.
والنحويون من أجاز ذلك منهم علل الجواز بتشبيه إلا بحرف العطف، وجعل ذلك المصنف مانعًا. وإنما علل المنع منهم من منع بأن الحروف المؤدية معنى عمل العامل إلى المعمول لا يُوصل واحد منها العمل إلا إلى معمول واحد، نحو واو مع وحرف الجر، فإذا جعلناهما في مسألة / [4: 52/ أ] "ما أعطيت" بدلين لم تكن "إلا" وصلت أعطيت إليهما؛ لأن أعطيت يتعدى إلى مفعولين.
وهذا الذي ذكر المصنف من أنه لا يجوز أن يُستثنى بأداة واحدة دون عطف شيئان قد أجازه قوم من النحويين؛ ذهبوا إلى إجازة: ما أخذ أحدٌ إلا زيدٌ درهمًا، وما ضرب القوم إلا بعضهم بعضًا.
ومنع ذلك الأخفش والفارسي، واختلفا في إصلاحها:
فتصحيحها عند الأخفش بأن تقدم على إلا المرفوع الذي بعدها، فتقول: ما أخذ أحدٌ زيدٌ إلا درهمًا، وما ضرب القوم بعضهم إلا بعضًا، وهذا موافق لما ذهب إليه ابن السراج والمصنف من أن حرف الاستثناء إنما يُستثنى به واحد.
وتصحيحها عند الفارسي بأن تزيد فيها منصوبًا قبل إلا، فتقول: ما أخذ أحدٌ شيئًا إلا زيدٌ درهمًا، وما ضرب القوم أحدًا إلا بعضهم بعضًا.
ولم ندر تخريجه لهذا التركيب، قيل: هو على أن يكون ذلك على البدل فيهما، كما ذهب إليه ابن السراج في: ما أعطيت أحدًا درهمًا إلا عمرًا دانقًا،