وقد عدل النحويون عن تعليل س، فقالوا: امتنع البدل لأن الثاني أعم من الأول، فلا يجوز أن يقع بدلًا منه؛ لأنه لا بدل كل من بعض في كلامهم، ولذلك قال ابن خروف: "كرهوا أن يبدلوا الأكثر من الأقل"، يعني كلًا من بعض.
فإن قلت: أقول: "إلا زيدٌ" أعم من "أحد"؛ لأن "إلا زيدٌ" بمعنى غير زيد، وغير زيد يكون من الأحدين ومن غيرهم، فإذا أبدلنا أحدًا من إلا زيد كان من إبدال البعض من الكل.
فالجواب أن نقول: إن العرب لا تستعمل "إلا زيدًا" وتريد به كل ما عدا "زيد" من أي الأصناف كان؛ وإنما تريد ما عداه من صنفه؛ ألا ترى أنك لو قلت ما رأيت إلا زيدًا إنما تريد: ما رأيت غير زيد من الناس، ولولا ذلك لكان قولك ما رأيت إلا زيدًا كذبًا؛ لأنه معلوم أنك رأيت السماء والأرض وأشياء كثيرة هي غير زيد، وكذلك كل اسم يقع بعد إلا يراد به: إلا غير ذلك الاسم من صنفه، لا غير من أي صنف كان، وإذا ثبت أن المراد بقوله "إلا زيدٌ" غير زيد من صنفه كان أحد أعم منه؛ لأنه يقع عليه وعلى المغاير له من صنفه، ولم يجز لذلك إبداله منه.
وقال شيخنا الأستاذ أبو الحسن بن الضائع: "وعندي أنهم لم يفهموا عن س، فاعلم أن البدل في الاستثناء إنما المراعى فيه وقوعه مكان المبدل منه، فإذا قلت ما قام أحدٌ إلا زيدٌ فليس (زيد) وحده بدلًا من (أحد)، و"إلا زيدٌ" هو