قال: "لم يقدمه على الكلام بجملته لأنه قد تقدم على الاستثناء (لا) النافية، والتقدير: ولا بها إنسيٌ خلا الجن".

وفي البسيط: وقع الإجماع على جواز تقديمه على أحد جزأي الجملة من فاعل أو مفعول؛ فأما تقدم النفي أو حرف إن فيمنع من ذلك أنه لا يليها إلا، وقد جوزه بعضهم.

ويظهر من كلام المصنف أنه لا يجوز: القوم إلا زيدًا جاؤوا؛ لأن "إلا زيدًا" تقدم على المنسوب إلا المستثنى منه وعلى المستثنى منه، وهو الضمير في جاؤوا؛ لأن زيدًا ليس مستثنى من القوم، بل هو مستثنى من الضمير المسند إليه المجيء.

وقد مثل المصنف بجواز: القوم إلا زيدًا ذاهبون، وهو مستثنى مقدم على المسند، وهو اسم الفاعل، وعلى المستثنى منه، وهو الضمير المستكن في ذاهبون.

وهذه المسألة أعني تقديم المستثنى على المستثنى منه وعلى العامل فيه إذا لم يتقدم، وتوسط بين جزأي كلام، فيها ثلاثة مذاهب:

الأول: أنه لا يجوز ذلك على الإطلاق، سواء أكان العامل متصرفًا أم غير متصرف، فلا يجوز: القوم إلا زيدًا قاموا، ولا: القوم إلا زيدًا قائمون، ولا: القوم إلا زيدًا في الدار؛ لأن العامل الفعل واسم الفاعل والظرف بما فيه من معنى الفعل؛ وإنما لم يجز ذلك لأن المستثنى يشبه المفعول معه في نصب العامل له بوساطة الحرف الذي هو إلا؛ كما نصب المفعول معه بوساطة الحرف الذي هو الواو، فكما لا يجوز التقديم مع الواو فكذلك لا يجوز مع إلا، وهذا مذهب من يرى العامل في المستثنى الفعل ومعنى الفعل.

المذهب الثاني: جواز ذلك على الإطلاق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015