وزعم المبرد أن "إلا أبوك" خبر ل"من" كقولك: ما لي إلا أبوك, وأدخلت إلا على الخبر لأن الكلام في معنى النفي، فإذا أنكر أن يكون له أحد غير الأب صديقًا فكأنه قال: ما لي إلا أبوك, وصديقًا: حال متعلق به. وغره قول س: "لأنك أخليت من للأب", فتوهم أنه خبر له. ومقصود س أن يكون "من لي" مستقلاً, "ولي" هو الخبر, وكأنه قال: أي إنسان كائن لي, ففي "لي" ضمير مرفوع, ومنه استثني, وصديقًا: حال منه, والحال صفة في المعنى, فقد تقدم المستثنى على الصفة, وبهذا دخل في باب تقديم المستثنى على الصفة.
والصحيح أنه بدل؛ لأنه يبقى مجرور لا عامل له؛ لأن من لا تعمل, وكذلك الأب, وقد فصل بين صديقًا وبين ما يعمل فيه بخبر المبتدأ فهو لحن, وس في مسألة تقديم المستثنى على/ [4: 43/ ب] الصفة بدأ بالبدل, ثم حكي النصب عن بعض العرب, ومن ذلك قول الشاعر:
وإني لعبد الضيف ما دام نازلا وما شيمة لي غيرها تشبه العبدا
وفي شرح أبي الفضل الصفار: "س فصل بتابع, فهو بمنزلة الصفة, ولا يجوز: ضرب زيد عمرًا العاقل, ولولا السماع ما أجزنا: ما لي أحد إلا أباك صديق؛ ألا ترى قوله: (وقال بعضهم: ما مررت بأحد إلا زيدًا خير منه) , فهو قد حكاه عن بعض العرب".