وأيضًا فإن البدل على نية تكرار العامل, فإذا أبدلت كنت قد فصلت بين النعت والمنعوت بجملة, وإذا نصبت على الاستثناء كنت قد فصلت بينهما بمفرد معمول لما تقدم, فسهل الفصل به. وأيضًا فإن حكم البدل إذا اجتمع مع الصفة أن تكون الصفة مقدمة على البدل.
وحجة من اختار الرفع أن الصفة فضلة, ولا اعتداد بالتقدم عليها, ولأن المستثنى في نحو ما جاء أحد إلا زيد إنما رجح إتباعه على نصبه لأنه إذا أتبع شاكل ما قبله وما بعده؛ فكان إتباعه متوسطًا أولى من إتباعه غير متوسط.
قال المبرد: "والقياس عندي قول س؛ لأن الكلام إنما يراد لمعناه, والمعنى الصحيح أن البدل والمبدل منه موجودان معًا, لم يوضعا على أن يسقط أحدهما إلا في بدل الغلط, فإن المبدل منه بمنزلة ما ليس في الكلام".
والبدل- وإن كان في تقدير جملة أخرى- إنما أتى به ليبين المبدل منه, كما أن النعت كذلك والموصوف لما فيها من / [4: 43/أ] تسديد الكلام وإن لم يكن لها موضع من الإعراب- فالأحرى أن يحسن بين المنعوت والنعت بالبدل؛ لأنه مفرد في اللفظ, وتابع لما قبله, ومبين له كالنعت, فالفصل به أيضًا بين المنعوت والنعت أسهل من الفصل بالاستثناء بينهما؛ لأن الاستثناء لا يشبه النعت.
وقال ابن عصفور: "النصب أضعف من البدل؛ لأن فيه الفصل بينهما بالاستثناء". قال: "ولا يجوز الفصل بين الصفة والموصوف إلا في الشعر, كقوله: