بين أداتي تعدية ليست إحداهما في معنى الأخرى لا يجوز؛ فإن كانت في معناها فربما جاء ذلك في الشعر, نخو قوله:

فأصبحن لا يسألنني عن ما به ............

وغير الموجب: ما هو منفي في المعنى, وسواء أكان في اللفظ منفيًا أم لم يكن, فما قام إلا زيد, ولا تضرب القوم إلا زيدًا, وهل قام أحد إلا زيد, وقل رجل يقول ذلك إلا زيد- كل هذا غير موجب, وحكمه اختيار الإتباع على ما يبين. فأما إذا دخل حرف النفي على المبتدأ, أو على نواسخه, أو كانت أداة النفي هي الناسخة- فسنذكره عند تعرض المصنف لذلك.

مسألة مثل السابقة: قال أبو علي: وتقول: ما أكل أحد إلا الخبز إلا زيدًا. قال ابن هشام: هذا فصل عظيم المنفعة في هذا الباب, وذلك أنه قد تقدم أن المخرج في هذا الباب من المنفي موجب, ومن الموجب منفي, والاستفهام الذي بمعنى النفي كالنفي, والاستفهام الحقيقي إعرابه كالنفي, يفرغ لما بعد إلا العامل, ولا يفرغ, فإذا كان اللفظ نفيًا والمعنى إيجابًا, أو كان الأمر بالعكس, أو التفت هذا المعنى أم اللفظ- فالملتفت في هذا المعنى دون اللفظ, ولذلك لا يجوز في هذه المسألة إلا النصب وإن صدرت بالمنفي؛ لأنك إنما تستثنى زيدًا ممن أوجبت لهم أكل الخبز, وأخرجت زيدًا عنهم فيما أوجبته لهم, وصار المعنى: كلهم أكلوا الخبز إلا زيدًا, فإنه يأكل الخبز, أو أكله وغيره من الأطعمة, أو لم يأكل شيئًا أصلاً؛ إذ المعنى خروجه من حكم الأول, وعلى كل واحد من هذه المعاني يخرج من حكم الأول, فهذا ما تقتضيه جميعه "ما" و"إلا" من الحصر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015