وقد اختلف النحويون في إطلاق "الكلام" على الكلام النفساني وعلى ما يعبر به من الجمل، أذلك حقيقةً فيهما على جهة الاشتراك أم حقيقةً في النفساني مجاز في اللساني أم مجاز في اللساني حقيقة في اللساني؟ ثلاثة مذاهب:
وظاهر كلام س - رحمه الله - أن الكلام لا يطلق حقيقة إلا على الجمل المفيدة. وذكر المصنف حين ذكر قول س "واعلم أن (قلت) في كلام العرب إنما وقعت على أن يحكى بها ما كان كلامًا لا قولا" قال: عني بالكلام الجمل، وبالقول المفردات، ولا يريد أن القول مخصوص بالمفردات، فإن إطلاقه على الجمل سائغ باتفاق. وقد يمسى الاعتقاد قولًا لأن الاعتقاد لا يفهم إلا بغيره، والقول قد لا يتم معناه إلا بغيره، بخلاف الكلام، فإنه تام المعنى بنفسه، ولذلك أطلق على القرآن "كلام الله"، ولم يطلق عليه "قول الله". وقد شاع إطلاق القول على ما لا يطلق عليه كلام، كقول أبي النجم:
قالت له الطير: تقدم راشدًا إنك لا ترجع إلا حامدا
وقال آخر:
وقالت له العينان: سمعا وطاعة وحدرتا كالدر لما يثقب
انتهى كلام المصنف، رحمه الله.
وما ذكر من أن "القول" لا يطلق على كلام الله - تعالى - فيه نظر.
وما أنشده من قول الشاعر "وقالت له العينان" أنه نسب القول إلى العينين، ولا