وأما من منع ذلك مطلقًا فقال: أسماء العدد نصوص، ولا يجوز أن ترد على ما وُضعت له، فكما لا يجوز أن تخرج عن النصية في غير الاستثناء فكذلك في الاستثناء، إلا إن كان اسم العدد قد أُخرج عن النصية إلى أن صار مما يُكثر به ولا يراد به ظاهره، فيصير إذ ذاك ظاهرًا في العدد، فيجوز /أن يستثنى منه؛ لأنه صار كسائر الظواهر التي يُستثنى منها، وعلى ذلك جاء قوله تعالى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلاَّ خَمْسِينَ عَامًا}؛ إذ لو لم يستثن لجاز أن يكون قوله {أَلْفَ سَنَةٍ} يراد به الزمان الطويل، بل كان يكون ذلك راجحًا من حيث العادة؛ لأن حياة إنسان ألف سنة مما تُحيله العادة، والألف والمئة والسبعون مما يُكثر به من ألفاظ العدد، كما قال الشاعر:/ [4: 29/ ب]
هو المنزل الآلاف من جو ناعط بني أسد، حزنًا من الأرض، أوعرا
وقال الآخر:
الواهب المئة المعكاء، زينها سعدان تُوضح في أوبارها اللبد
وقال تعالى {إن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}.
ولما اختار ابن عصفور هذا المذهب رد عليه ابن الضائع على عادته معه؛ فقال: "وهذا الذي ذهب إليه فاسد، فقوله (أسماء العدد نصوص) يقال له: نعم،