ولا تستثنى المعرفة من النكرة التي لا تعم ولم تُخصص، نحو: قام رجال إلا زيدًا، فإن عمت، نحو: ما قام أحدٌ إلا زيدًا، أو تخصصت، نحو: قام رجالٌ كانوا في دارك إلا زيدًا منهم - جاز. ولا من المعرفة النكرة التي لم تخصص، نحو: قام القوم إلا رجلًا، فإن تخصصت جاز، نحو: قام القوم إلا رجلًا منهم.
ونص أصحابنا على أنه لا يجوز أن يكون المستثني مستغرقًا للمستثني منه ولا زائدًا عليه؛ لا يجوز أن تقول: عندي عشرةٌ إلا عشرةً، ولا: عندي عشرةٌ إلا أحد عشر، وذكروا اتفاق النحاة على ذلك. وهذا مخالف لما نقله المصنف عن الفراء أنه يجوز: له علي ألفٌ إلا ألفين، وسيأتي الخلاف في قدر المستثني عند تعرض المصنف له إن شاء الله.
واختلف النحويون في الاستثناء من العدد على ثلاثة مذاهب:
أحدهما: أنه يجوز مطلقًا، وهو اختيار شيخنا الأستاذ أبي الحسن بن الضائع.
والثاني: المنع مطلقًا، وهو اختيار ابن عصفور.
والثالث: التفصيل بين أن يكون المستثنى عقدًا فلا يجوز، نحو: له عندي عشرون إلا عشرة، أو غير عقد فيجوز، نحو: له عندي عشرة دراهم إلا اثنين.
فأما من أجاز ذلك فاستدل بقوله تعالى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلاَّ خَمْسِينَ عَامًا}. فقد استثنى عددًا من عدد، وهو استثناء عقد، ففيه رد على من فضل فمنع استثناء عقد.