وقال أبو الحسن: "قوم يقيسون هذا في كل شيء, وقوم يقصرون على ما سمع منه"، قال ابن عصفور: "ويعني بالذين يقصرونه على السماع أنهم لا يجيزون ذلك إلا حيث لا يراد بالواو معنى العطف المحض؛ لأن السماع إنما ورد به هنالك. ويعني بالذين يقيسون أنهم يجيزون ذلك حيث يراد به معنى العطف المحض, نحو: قام زيد وعمرًا, وحيث لا يتصور معنى العطف أصلًا, نحو: قعدت وطلوع الشمس" انتهى.
وقال الفارسي في التذكرة: "من لم يقس يقول إن الواو حرف غير عامل, كما أن إلا حرف غير عامل, وقد وصل الفعل بكل واحد منهما إلى ما بعده, فكما لا يقال على إلا غير الاستثناء كذلك لا يقاس: استوي الماء والخشبة, إلا ما سمع, والذي يقيس يقول: إن الواو حرف قد أبدل من الباء في نحو: والله, وفي نحو: لك الشاء شاة ودرهم, أي: بدرهم, فلما أشبه الباء في هذا, وقاربه في المعنى أيضًا - جعله بمنزلة حرف الجر".
قال ابن عصفور: "والصحيح عندي أن ذلك لا يقاس في كل شيء, فلا يجوز انتصاب الاسم على أنه معه حيث لا يتصور معنى العطف أصلًا؛ لقيام الأدلة على أن واو مع واو عطف في الأصل, ولا حيث يراد معنى العطف المحض؛ لأنه لا موجب إذ ذاك للعدول عما يقتضيه العطف من المشاكلة إلى النصب, مع أن العرب تؤثر المشاكلة على غيرها, وإنما يجوز ذلك حيث يدخل المعطوف بالواو معنى المفعول به؛ لأن دخول ذلك المعنى فيه هو الذي سوغ نصبه" انتهى.