وتعلق "من" الأخيرة باسم المكان هو مذهب س؛ بدليل أنه جعل مغارًا من قول الشاعر:
وما هي إلا في إزارٍ وعلقةٍ مُغارَ ابن همامٍ على حي خثعما
اسم زمان مع أنه قد عمل في: على حي خثعم، وكما عمل اسم الزمان فكذلك يعمل اسم المكان.
وما ذهب المبرد والزجاج إليه من تخطئة س في جعله مُغارًا اسم زمان مع أنه عداه بـ"على" باطل؛ لأن المجرور يعمل فيه اللفظ المتضمن لمعنى الفعل. وتأويلها مغارًا على أنه مصدر، وهو على حذف مضاف، أي: وقت إغارة - لا يحتاج إلى ذلك، بل ما ذكره س أولى؛ لأنه لا يحتاج إلى حذف.
وزعم ابن خروف أن حرفي الجر يتعلقان بمحذوفين تقديره: قَرُبَ زيدٌ مني قرب الشغاف من القلب، وبعد مني بعد مزجر الكلب من الزاجر، وكذلك باقيها.
وما ذكره - وإن كان المعنى عليه - لا يساعده الإعراب، ولا يتنزل عليه، وإنما يُتصور ذلك في لغة من رفع اسم المكان، فحذف المصدر من الأول، وأقام المضاف إليه مقامه، فرفعه بالابتداء، وحذف المصدر من الثاني، وأقيم المضاف إليه مقامه، فرفع على الخبر.
وذهب بعض النحويين إلى أن المختص الذي لا شكل له ولا صورة كـ"مزجر الكلب" و "مقعد القابلة" ونحوه على حذف الجار، كـ"أمرتك الخير" انتهى.
وإذا لم تَذكر "من" الثانية، فقلت: هو مني مناط الثريا - / [3: 197/ أ] ففيما يتعلق به "مني" وجهان: