وقيل: إنما كان ذلك فيها لأنها أمثال، المقصود باللفظ خلافه، فحمل على المعنى؛ لأن قولهم: أنت مني مناط الثريا، لم يرد: أنت في موضعٍ تعلق فيه الثريا، كما يقتضي وضع اللفظ، وإنما المراد: أنت مني مكانًا متباعدًا غاية البعد، فكما أنه لو تكلم بهذا جاز، فكذلك جاز لما أراد موصوفه. وكذلك: معقد الإزار، لا يراد أنه في ذلك الموضع، وإنما هو كناية عن غاية القرب. وكذلك مقعد القابلة، فكأنه قال: أن مني مكانًا على غاية القرب، وهذا قول حسن، وبه قال ابن الطراوة.
وقال بعضهم: "هو على حذف، والتقدير: مكانًا مثل مكان مناط الثريا، صارت مثل ظرفًا لما نابت مناب الظرف لما حُذف الموصوف، وصار: مثل مناط الثريا، ثم حذف المضاف، فصار: أنت مناط الثريا، فالنصب في الحقيقة إنما هو لمكان، ثم صار للمناط بالنيابة، وهذا التقدير نحو مما في قولهم: ضربت رب الأمير اللص" انتهى.
وشذ من أسماء الأمكنة المشتقة من الفعل ولم يعمل فيها ما اشتق منها ولا مشارك ولا يراد به تمثيل القرب والبعد ما حكاه س من قولهم: "هو مني مرأًى ومسمعًا"، بالنصب، وفي الضرورة نحو قوله:
/ [3: 196/ ب] بمحنيةٍ، قد آزر الضال نبتها مجر جيوشٍ غانمين وخيب
نصب "مجر جيوش" على أنه ظرف في موضع صفة لـ"محنية"؛ إذ لم يمكنه أن يقول: في مجر جيوش.