قال ثعلب: "إن جعلت قريبًا من القرابة ثُني، وجُمع، وأُنث، أو من القرب أو خلفًا من موصوف فلا يُثنى ولا يُجمع ولا يؤنث" انتهى. وإنما امتنعت في ذاك تثنيته وجمع وتأنيثه لأنه خلف من موصوف مذكر، وهو مكان.
ومما ينتصب ظرفًا بمعنى قريب الظرف قبلك، ونحوك، وقُرابتك بمعنى قريبًا، إلا أنه أشد مبالغة؛ ألا ترى أن ثعلبًا قال: "وتقول: عندي غلام يخبز الغليظ والرقيق، فإن أردت الجردق قلت: الرقاق"، فجعل الرقاق ما تناهى رقة، وكذلك الطويل والطوال، الطوال أبلغ في الطول. ومما يؤيد أن الفعال أبلغ من الفعيل أن س فسر قرابتك، فقال: "صار هذا بمنزلة قول العرب: هو حذاءه وإزاءه" فجعل قُرابتك بمعنى متصل به وموازٍ له، بخلاف قريب الذي يكون لما تأخر عنك. وذكر س: هم حواليك، وهي تثنية، لا شفع الواحد، معناها معنى أحوالك وحولك.
وأما شرقي المسجد فمنسوب إلى الشرق، ومعناه: المكان الذي يلي الشرق، وهو من ذلك الموضع الذي تشير إليه بالشرق إلى منقطع العالم، فشرق الدار معرفة؛ لأن الشرق جزء من الدار، وكذلك غربها، وأما شرقيها فليس كذلك، بل الذي يلي الشرق منها غير معين، فصار شرقي من شرقٍ بمنزلة زيدي من زيد، عندما / [3: 194/ أ] دخلته ياء النسب انبهم.
وأما قول المصنف "وزن الجبل وزنته، أي: مكن مسامتته" فقد فرق س بين وزن الجبل وزنة الجبل، فزعم أن معنى وزن الجبل: ناحية توازنه، أي: تُقابله،