فإن خصصته بالإضافة / [3: 192/ ب] جاز، نحو: قعدت قُدامك، وخلفك، وهذا بناء على منع التأكيد، وهو فاسد.
وذهب أبو زيد إلى أن ما خرج عن المبهم فإنما ينتصب نصب المفعول على النيابة؛ كأنه قال في سرت فرسخين: سرت سيرًا مقدرًا بفرسخين.
وذهب ابن طلحة إلى تقديره بحذف المضاف، كأنه قيل: سير فرسخين، كما في قولك ضربته سوطًا، أي: ضربة سوط. وإنما قال ذلك لعدم دلالة الفعل عليه لخصوصه، فلا يكون ظرفًا. فإن كان مبهمًا دل عليه الفعل جاز. وقيل: لأنه ليس بظرف؛ لأنه لا يقال في جواب أين.
وهذا فاسد: أما الأول فلأن المستدعي للعموم مستدعٍ لخاص في الجملة؛ لأن العام لابد له من الخاص، فيخرج مبينًا. وأما الثاني فلأن المعدود يقال في جواب كم، ولا يقال في جواب أين إلا غير المعدود، وكم يكون ظرفًا.
وفرق أبو زيد بين مبهم الجهات والأمكنة، فجعل مبهم الجهات منتصبًا على معنى الفعل المأخوذ منها، كالخلف من تخلفت، والأمام من أممت، فله دلالة عليه بهذا النحو، فانتصب على هذا.
وفيه نظر لأنه لا فرق بين استدعاء المكان والجهة إلا أن تجعل أن المكان من تمكنت، فيجري الكل مجرىً واحدًا، وهذا تكلف لا يحتاج إليه؛ لأنه لو نصب الفعل ما دل عليه بلفظه لم ينصب المفعول بهن ولا يقال ما دل عليه الفعل بلفظه انتصب نصب المصدر والزمان، وما لا يدل عليه انتصب نصب المفعول؛ لأنا نمنع هذا التقسيم، بل ما لم يدل عليه بلفظه ينقسم إلى الظرف وغيره.