وكذلك: ما رأيتُه مُذْ يومانِ وأمسِ. وإنما منع ذلك لأجل المخالفة؛ لأنّ اسم الزمان إذا كان معرفة بعدهما كانا بمعني: أوَّل، ولزم إذ ذاك أن تكون الرؤية قد وقعت في ذلك الزمان، وإذا كانت /نكرة كانا بمعني: أمَد، ولم يلزم إذ ذاك أن تقع الرؤية في الزمان الواقع بعدهما، فلمّا اختلف المعني امتنع العطف. [3: 186/أ]
قال ابن عصفور: والعطف عندي أيضاً جائز في القياس مع الاختلاف علي الوجه الذي ذكرته مع الاتفاق؛ وذلك بأن تجعل مُذْ بمعني: أَمَدُ انقطاعِ الرؤيةِ يومُ الجمعةِ ويومان، وتكون الواو مثلها في: اختصمَ زيدٌ وعمرٌو.
وزعم ابن السَّرَاج في «الأصول» له أن يجوز أن تقول: ما رأيتُ زيداً مُذْ يومان ويومُ الخميس، فالرفع علي تكرير مذ، والنصب كأنك قلت: وما رأيتُه يومَ الخميس. قال: وتنسق علي المعرفة المعرفة، فترفع إذا اتفق، وهو أحسن، ويجوز النصب، وتنصب إذا اختلف، وهو أحسن، ويجوز الرفع.
قال ابن عصفور: والصحيح ما ذكره أبو الحسن مِن أنّ العطف ليس من كلام العرب، اتفق الاسمان في التعريف أو اختلفا، فكان أحدهما معرفة والآخر نكرة للعلة التي تقدم ذكرها.
المسألة الثامنة: إذا وقع بعدهما اسم الزمان مختصاً، ولم يفد عِدّة مدة الانقطاع لم يقع بعدها إلا إذا كان المعني: أوّل، نحو: ما رأيتُه مُذْ يومُ الجمعة، تريد أنّ انقطاع الرؤية كان أوَّلُه يوم الجمعة، وإن أفاد فالمحفوظ من كلام العرب إذا وقع بعدهما أن يكونا بمعني: أوَّلُ الوقت، فتقول: ما رأيتُه مُنذُ الشهران الماضيان، تريد أنك رأيته في الشهرين الماضيين، ثم انقطعت الرؤية من أحدهما إلي وقت إخبارك.