الثالث: إضافتها إلي ما يليها، والمضاف يقتضي جرّاً لا جزماً، وإذا جُزم بها في الشعر فليست مضافة إلي الجملة. انتهي. ويأتي الكلام معه علي هذه العلة الثالثة إن شاء الله، والاستدلالُ علي الجزم مذكور في أواخر باب عوامل الجزم.

وقوله ورُبَّما وقعتْ موقعَ إذْ، وإذْ موقَعها هذا الذي ذكره المصنف هو قول بعض النحويين، والصحيح عند أصحابنا أنَّ كل واحدة منهما لا تقع موقع الأخرى، بل جعلوا إذْ بعد المضارع إلي معني المضي، نحو قوله:

يَجزيِه رَبُّ العالَمِينَ إذْ جَزَي ... جَنَّاتِ عَدْنٍ في العَلالِيِّ العُلا

قالوا: «كأنه قال: جزاه ربُّ العالمين إذ جَزي، وجعل الوعد بالجزاء جزاء، وهذا أَولَي من أن يُعتقد في إذْ أنها بمنْزلة إذا؛ لأنَّ صرف معني المبهم إلي الماضي بقرينة قد ثَبت من كلامهم، ولم يثبت وضعُ إذْ موضع إذا بقاطع».

[3: 175/أ] وجعلوا أيضاً وقوع إذا بعد الماضي /مما يَصرف الماضي إلي الاستقبال، نحو قوله:

ونَدْمانٍ، يَزيدُ الكأسَ طِيباً ... سَقَيتُ إذا تَغَوَّرَتِ النُّجُومُ

قال بعضهم: «المعني: أسقيه إذا تَغَوَّرت النجوم». وهذا ليس بجيد؛ لأنَّ أكثر ما تدخل رُبَّ علي ما يكون العامل ماضياً من حيث المعني. والأَولي في مثل هذا البيت ما كان يُخَرِّجه عليه ونظائره أستاذنا أبو جعفر بن الزُّبَير من أنَّ «إذا».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015