فيتصرف فيهما كما كان يتصرف فيه؛ كما أن صفة المصدر إذا لم تكن خاصة به وحذف موصوفها لم يجز إقامتها مقام المصدر، بل تبقى منتصبة على الحال.

والآخر: أن إضافة ذات إلى مرة ويوم، وإضافة ذي إلى صباح- من قبيل إضافة المسمى إلى الاسم، وهي قليلة في كلام العرب، فلم يتصرفوا فيها لذلك, ولقيته صباحاً ويوماً ومرة في معنى: ذا صباح وذات يوم وذات مرة، استغني به عنه لما كان يؤدي معناه مع ما فيه من الاختصار.

وزعم أبو بكر بن الأنباري أن قولك لقيته ذات مرة معناه: حقيقة مرة, وكذلك قال في قوله تعالى {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}، أي: غير حقيقة الشوكة.

قال ابن عصفور: «وهذا باطل؛ لأنه لا يوجد في كلام العرب ذات بمعنى حقيقة، ولذلك لحن الزبيدي من قال: الذاتي بمعنى الحقيقي، ولو ثبت الذات بمعنى الحقيقة لم يكن ذلك لحناً» انتهى. ومعنى [غير] ذات الشوكة أي: غير الطائفة ذات الشوكة، أي: صاحبة الشوكة.

وفي البسيط: ليس ذات مرة من أسماء الزمان، وإنما مرة مصدر من مر مرة، فنقل إلى الزمان، وذات هي في الأصل وضعت للمصدر، [تقول]: لقيته مرة, أي: واحدة، فلما صار مرة ظرفاً صارت ذات وصفاً لزمان، كأنك قلت: لقيته مدة ذات مرة، أي: واحدة، ثم حذف الموصوف، وأقيمت الصفة مقامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015