يكون من باب ذات مرة وذات يوم، غير أنه ورد مذكراً لأنه يستثقل التأنيث مع الصاد وتوالي الحركات، فحذفوها، فقالوا: لقيته ذا صباح، وهذا لا يتمكن كما لا يتمكن ذات يوم وذات حين، ولا يضاف إليه مصدر ولا غيره».

وهذا الذي ذهب إليه من أن ذات هي التي لا تتصرف، وأن ذا يتصرف إلا أن يكون محذوفاً من ذات- باطل؛ لأن ذات صباح إنما جاء في كلامهم بمعنى صباح على ما ذكرناه، وحديث قيلة يدل على ذلك، وما ادعاه من أن الأصل ذات وحذفت التاء لما ذكره دعوى لا دليل عليها, وما ذكره من التعليل غير موجب لحذف التاء في كلام العرب, وإذا تبين أن ذا صباح قد استعمل بمعنى صباح وجب أن يجعل ذلك في بيت أنس, وكأنه قال: عزمت على إقامة وقت, أي: وقت مسمى بهذا الاسم، والوقت المسمى بهذا الاسم هو صباح، ولا يحمل على ما ذكره؛ لأنه لم يثبت من كلامهم أن ذا صباح يراد به اليوم، وما توهمه من أن س إنما ادعى جواز الرفع في ذات في لغة خثعم بسبب بيت أنس غير صحيح، بل حكى عنهم أنهم يرفعون ذات مرة، فيقولون: سير عليه ذات مرة.

وسبب التزام العرب الظرفية في ذات أنها صفة في الأصل لظرف محذوف، فالتقدير: لقيته قطعة ذات يوم, أو ذات مرة, وكذلك لقيته ذا صباح، أي: وقتاً ذا صباح، أي: صاحب هذا الاسم، فحذف الموصوف، وأقيمت صفته مقامه. ولم يتصرفوا في الصفة بعد حذف الموصوف لأمرين:

أحدهما: أن الصفة إذا لم تكن خاصة لم يجز إجراؤها مجرى الموصوف، /وذو وذات بمعنى صاحب وصاحبة ليسا بخاصين بجنس الموصوف المحذوف؛ إذ قد يوصف بهما الزمان وغيره، فلم يجز لذلك أن يجريا مجرى الموصوف المحذوف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015