وقوله لواقع فيه مذكور أو مقدر ناصب له يعني أن الناصب له هو واقع فيه، فإذا قلت قمت يوم الجمعة فالقيام واقع في يوم الجمعة، وإذا قلت قمت أمامك فالقيام واقع في الأمام, وهذا العامل مذكور. والعامل المقدر مثل: زيد أمامك, والقتال يوم الجمعة, فالعامل فيهما كائن أو مستقر، وهو مقدر, وليس ملفوظاً به.
وهذا التقسيم الذي قسمه المصنف في المفعول فيه أنه اسم وقت ومكان لا يصح إلا على مذهب البصريين؛ لأنهم يسمون المفعول فيه ظرفاً.
وأما الكوفيون فلا يسمونه ظرفاً لأمرين:
أحدهما: أن العرب لم تسم اسم المكان ولا اسم الزمان في موضع من كلامها بالظرف.
والآخر: أن الظرف في اللغة اسم الوعاء, قالوا: والأوعية متناهية الأقطار, محاط بنواحيها، نحو الجراب والعدل, واسم المكان الذي يسمونه ظرفاً ليس متناهي الأقطار, نحو: زيد خلفك، وأمامك؛ ألا ترى أنه إذا كان كذلك لم ينتصب على الظرف، تقول: زيد في داره, وزيد في الحمام, ولا تقول زيد داره، ولا: زيد الحمام.
ولا يلزم ما ذكروه؛ إذ لا مشاحة في الاصطلاح، مع أنه إنما يسمى ظرفاً على سبيل المجاز تشبيهاً بالظرف الحقيقي من جهة اشتماله على الفعل، كما سمي بالزمام الكتاب لضبط ما فيه كما تضبط الدابة بالزمام.
وسمى الفراء وأصحابه المفعول فيه محلاً. والكسائي ومن أخذ بقوله يسمون الظروف صفات. ولا مشاحة في الاصطلاح.