«وقال بعضهم: ذهبت الشام, فشبهه بالمبهم إذ كان مكاناً, وكان يقع عليه المكان والمذهب, وهذا شاذ, ليس في ذهب دليل على الشام, وفيه دليل على المذهب والمكان. ومثل ذهبت الشام: دخلت البيت» انتهى. فهذا نص على أن انتصاب البيت بعد دخلت مثل انتصاب الشام بعد ذهبت، والشام ظرف مكان مختص، وقد نص س على الشذوذ في ذهبت الشام؛ إذ وصل ذهبت إلى ظرف مختص, وليس مما اشتق من لفظه، ولا هو من لفظ المكان. ثم قال: «ومثل ذلك دخلت» , أي: مثله في الشذوذ ووصول دخلت إلى البيت, وهو ليس فيه دلالة على البيت؛ إذ ليس البيت مشتقاً من لفظ دخل, ولا هو لفظ المكان.
وقوله «وقد غفل عن هذا الموضع الشلوبين» لم يغفل عنه الأستاذ أبو علي كما زعم المصنف, بل رأى أنه لا حجة فيه. وقد بينا أنه لا حجة فيه.
وقوله «وهذا عجيب من الشلوبين مع اعتنائه بجمع متفرقات الكتاب وتبيين بعضها ببعض»، ليس هذا بعجيب، بل العجيب غفلة المصنف عن نص /س إن دخلت البيت مثل ذهبت الشام في الشذوذ.
وأما قوله «مع اعتنائه بجميع متفرقات الكتاب» فإن الاعتناء بذلك هو الذي لم يجعله يقول بقول المصنف, ويغتر بما لا دليل فيه, ويترك النص الذي لا يحتمل تأويلاً، وأين المصنف من رجل يقال إنه ختم عليه كتاب س بحثاً ونظراً نحواً من ستين مرة، وأقرأ النحو نحواً من ستين سنة, ورحل إليه الناس من أقطار الأرض, ولم يكن في عصره بل في أعصار قديمة قبل عصره مثله, رحمه الله.