صوت حمار من حمله على الوجه الثاني؛ /لأنك فيه أخذت صوت حمار معقولاً ذهنياً، فيمكن أن يوقع، وهذا أخذته شخصياً حاصلاً في الوجود قد انقرض، فمحال أن يوقع.
فهذه ثلاثة أوجه، وفي كل واحد منها تترك الصوت على وضعه من أنه الحقيقة الناشئة عن التصويت، لا تجعله بمنزلة التصويت الذي هو فعلك من تهيئة الأسباب الموجبة للصوت.
وإن جعلته مصدراً تصورت فيه هذه الوجوه كلها، فيمكن أن تقدر: مررت به فإذا له صوت يصوت تصويتاً مثل تصويت حمار، ثم حذفت تصويتاً، وتركت مثل في الكلام، وكان صفة له، فصار نصبه على المصدر لأنها صفة مضافة إلى المصدر، بخلاف رويداً، ثم حذفت المضاف، وأقمت المضاف إليه مقامه، وأعربته مصدراً، ثم وضع الصوت موضع التصويت، هذا وجه.
والوجه الآخر: أن يكون: فإذا له صوت يصوت صوت حمار، وجعل صوت حمار مصدراً يصل إليه يصوت بنفسه من غير حذف على التجويزين المتقدمين في الحال؛ ولا بد في هذا كله من إخراج صوت عن وضعه وتصييره في موضع التصويت. وأما إن كان معرفة فلا يتصور فيه إلا نصبه على المصدر» انتهى كلامه.
فإن قلت: ما الداعي إلى أن يضمر ناصب لقوله صوت حمار؟ وهلا نصب بقوله صوت من قوله: له صوت، وكأنك قلت: له أن يصوت صوت حمار.
فالجواب: أنه لم يرد بقوله فإذا له صوت أنه يعالج الصوت، ويخرجه على هذه الصفة، وإنما أريد به ما يسمع. وكذلك: له هدير، لم يرد أنه يحاول الهدير، إنما أريد ما يسمع. والصوت هنا ليس المصدر الذي ينحل بحرف مصدري والفعل، ولا الذي يكون بدلاً من لفظ الفعل في الأمر والاستفهام، وإنما يراد به ما هو ناشاء عن التصويت.