العامل فيه فعل من لفظه لكونه استعمل منه فعل في مكان، كما فعله المصنف؛ بل أوردوا ذلك إيرادا واحدا، فقالوا ما لخصته من كلامهم: ((المصادر المستعملة في الدعاء للإنسان أو عليه تنتصب بفعل من لفظ المصدر إن كان له فعل من لفظه، وإلا فمن معناه)). قالوا: ((وهي سقيا ورعيا، وخيبة، وجدعا وعقرا، وسحقا، وبعدا، وأفة وتفة ودفرا ونعسا وبؤسا ونتنا وبهرا)). قالوا: ((وقد يجوز أن يكون مالا يستعمل منه فعل منصوبا بفعل من لفظه إلا أنه لم يستعمل إظهاره)).
وباب هذه المصادر أن تكون متعدية، وقد تجيء لازمة، فإن لم يجئ بعدها مجرور فالنصب، أو جاء نحو سقيا لك فكذلك، وقد جاء بعضها في الشعر مرفوعا، قال:
أقام، أقوي ذات يوم، وخيبة ... لأول من يلقي، وشر ميسر
فإن رفعت فالمجرور خبر لها، وإن نصبت فهو خبر ابتداء مضمر، أي: هذا الدعاء له، ولا يجوز أن يكون معمولا للمصدر؛ لأنه يلزم أن تقول: سقيا إياك، لا لك، كما تقول: سقاك الله، لا: سقى لك.
ولا تستعمل هذه المصادر مضافة إلا في قبيح من كلام، بل إذا اضيفت فالنصب حتم، ومما جاء منها مضافا بعدك، وسحقك، أنشد الكسائي:
إذا ما المهاري بلغتنا بلادنا ... فبعد المهارى من حسير ومتعب
وفي البسيط: مما له فعل من لفظه: متعد، نحو: سقيا ورعيا، أي: سقاك الله سقيا، إذا دعوت له. وجدعا وعقرا، أي: جدعه الله، وهو القطع في الأنف، إذا