موجودًا في القرآن ولم يجدوا إعمال الأول فيه ما يقوي إعمال الثاني؛ لأن القرآن لم يلزم فيه أن تكون عباراته كلها جارية على الأكثر، ولا الأقوى في القياس، بل فيه ما لا يوجد إلا في الشعر، نحو قراءة ابن عامر {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}؛ ألا ترى إلى الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول كيف لا يجوز إلا في نادر من الشعر، وغير ذلك من المواضع؛ لأنه في منزع الأخذ بالعموم وملافاة الكل بما تميل إليه طباعهم، فاختلفت فيه الأساليب، وكثر التفنن، وإنما يقوى الاحتجاج بلغة القرآن من جهة طريقه، وليس بمكان النظر هنا، وليس ما عابوه على الكوفيين من الفصل بين العامل والمعمول بأضعف مما عابه الكوفيون عليهم من الإضمار قبل الذكر" انتهى كلامه.

وهو غير سديد في غير ما موضع منه. والذي يدل على ترجيح قول البصريين في اختيارهم إعمال الثاني نقل س عن العرب أن إعماله هو الأكثر، وأن إعمال الأول قليل، قال س: "ولو لم تجعل الكلام على الآخر لقلت: ضربت وضربوني قومك، وإنما كلامهم: ضربت وضربني قومك"، وظاهر إنما الحصر، فلولا أنه نص بعد على جواز إعمال الأول لدل على أنعم يلتزمون إعمال الثاني، قال: "وقد يجوز: ضربت وضربني زيدًا؛ لأن بعضهم قد يقول: متى رأيت أو قلت زيدًا منطلقًا، والوجه: متى رأيت أو قلت زيد منطلق" انتهى. فهذا تقل س مجردًا عن الرأي على أن إعمال الثاني هو الكثير في كلام العرب، وأن إعمال الأول قليل. قال المصنف: "ومع قلته لا يكاد يوجد إلا في الشعر، بخلاف إعمال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015