ولا يجوز ما ذكره عندنا، لا يجوز: أزيد ضربه أخوه؛ لأنه يكون في تقدير: أضربه زيد؟ وذلك لا يجوز. وما ذهب إليه أبو الحسين بن الطراوة وهم منه، فإنه إذا تعذر فيه الابتداء لم يلزم أن يكون من باب الاشتغال أصلًا؛ ألا ترى قوله:

لا تجزعي إن منفس أهلكته .............................................

فرفع منفسًا، وليس له ضمير مرفوع ولا سببي فيحمل عليه، فعلى الوجه الذي يتخرج هذا يتخرج ذلك، وهو إضمار الفعل في غير الاشتغال، كأنه قال: فإن ضللت أو جهلت لم ينفعك علمك، فتكون هذه الجملة تفسيرًا لهذا الفعل المضمر. وكذلك: إن منفس أهلكته، أي: إن أهلك منفس، وقد تقدم تأويل هذا البيت على غير هذا الوجه.

واعتبار هذه المسائل بأن تضع الاسم السابق موضع ما حملته عليه إن أمكن، وإن لم يمكن حذفت ما حملته عليه، وتركته موضعه ناويًا به التأخير، فإن جازت المسألة بعد ذلك فهي جائزة قبله، وإلا فهي ممتنعة.

المسألة الثالثة: إذا كان الفعل يتعدى إلى مفعوله بحرف جر، فقلت: زيدًا مررت به، نصبت في الاشتغال زيدًا، ولا يجوز أن تقول: زيد مررت به، بالخفض؛ لأنه يؤدي على إضمار الخافض وإبقاء عمله، وهو أضعف العوامل، /لا يجوز: بزيٍد مررت به، فتأتي بحرف الجر؛ لأن الخافض ينزل من الفعل منزلة الجزء منه؛ لأنه به يصل إلى معمولة كما يصل بهمزة النقل، فكما لا يجوز إضمار بعض اللفظة وإبقاء بعضها، فكذلك لا يجوز هذا، ولما تعذر الخفض رجعوا إلى النصب بإضمار فعل لقرب النصب من الخفض؛ ألا ترى أنهما قد اشتركا في الضمير في نحو ضربتك، ومررت بك، وفي أن كل واحد منهما فضلة، والمجرور منصوب من حيث المعنى؛ إذ لا فرق في المعنى بين قولك: مررت بزيد، ولقيت زيدًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015