وأما حجة من ذهب إلى أن المحصور منهما يجب تأخيره فإجراء لحرف النفي وإلا مجرى إنما.

وأما مذهب البصريين فقالوا: لابد أن يتقدم غير المحصور ويتأخر المحصور ليحصل الفرق بينهما، وإنما جوزنا تأخير الفاعل إذا كان المفعول مقرونًا بالا للسماع الذي استدل به الكسائي، ولأن الفاعل إذا تأخر في اللفظ علم أنه مقدم في النية، فحصل للمحصور فيه تأخير من وجه، وهو النية، ولغير المحصور تقديم، بخلاف ما إذا كان الحصر في الفاعل، فإنا /لو قدمناه وأخرنا المفعول كان قد وقد في رتبته من التقديم، والمفعول قد وقع في رتبته من التأخير، فلا يكون واحد منهما منويًا به غير موضعه، فلا يحصل ما يقتضيه الموضع من تقديم غير المحصور لفظًا أو نية.

وتأولوا ما استدل به الكسائي مما دخلت على الفاعل فيه إلا بأنه تم الكلام عند الاسم الذي دخلت عليه إلا، وما بعده على فعل، التقدير: درى ما هيجت، ويعذب بالنار.

وأما قوله "إن إلا قرينة دالة على الحصر فيما اقترنت به، فلا يحصل لبس" فنقول: بل يحصل اللبس، وهو أن يظن أننا أردنا الحصر في الاسمين اللذين بعد إلا، وكأننا قلنا: ما ضرب أحد أحدًا إلا زيد عمرًا، فغنا إذا أردنا هذا المعنى قلنا هذا.

فإن قلت: هذا يلزم إذا كان المفعول مقرونًا بالا، وجاز تأخير الفاعل.

قلنا: لا يلزم لأنه _وإن تأخر لفظًا_ فالنية به التقديم، بخلاف المفعول مع الفاعل المقرون بالا، فإنك إذا أخرته كان مؤخرًا لفظًا ونيةً، فافترقا.

ويظهر من ابن عصفور في (المقرب) اختيار مذهب البصريين، فإنه ذكر في القسم الذي يجب فيه تقديم المفعول أنه إذا كان الفاعل مقرونًا بالا يجب تقديم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015