ومن تبعهما لا يجوز أن يقام هذا الذي هو ثان عند الجماعة مقام الفاعل، فكيف يقول: لا خلاف.
وأيضًا فإن من النحويين من زعم أن أعطى وبابها إذا بنيت للمفعول لم ينتصب الثاني بالفعل المبني للمفعول، وإنما هو منصوب بفعل الفاعل، لما بني هذا للمفعول بقي "درهمًا" منصوبًا على أصله بفعل الفاعل، وإذا كان نصبه كذلك فكيف يجوز أن يقوم مقام الفاعل، ويؤثر فيه فعل ليس عاملًا فيه، فكيف يقال: لا خلاف فيه.
وأيضًا فإن من النحويين من زعم أنه أنتصب على أنه خبر ما لم يسم فاعله، كما في: كان زيد قائمًا، فكما أن خبر "كان" لا يقوم مقام الفاعل، فكذلك خبر ما لم يسم فاعله.
وهذه المذاهب وإن كانت ضعيفة - وسيقام الدليل على ضعفها في باب تعدي الفعل ولزومه إن شاء الله - تقدح في قول المصنف: لا خلاف في كذا.
وأما مذهب الجمهور فهو ما ذكر المصنف من جواز إقامة الثاني إذا لم يلبس. ونسب أبو ذر مصعب بن أبي بكر الخشني لأبي علي الفارسي أنه لا يجيز إقامة الثاني مع عدم اللبس وهو نكرة مع وجود الأول وهو معرفة؛ لأنه لما كان المعنى واحدًا كان رفع المعرفة أولى، قياسًا على باب كان، والنحاة كلهم أجمعون يمثلون بأعطي درهم زيدًا.
قال أبو عبد الله بن هشام: "لا أعرف هذا المذهب لأبي علي إلا من قول أبي ذر، وإن كان لم تسمع إقامة النكرة في هذا الباب كان ما ذكروه قياسًا"