فأما "أؤدرك. البيت" فإنه لا يتعين ما ذكر؛ إذ قد يحتمل ألا تكون أم معادلة للهمزة، بل تكون أم منقطعة بمعنى بل والهمزة، ويكون الفاعل بقوله أنى ضميرًا عائدًا على المصدر المفهوم من قوله أدرك، وكأنه استفهم أولًا، هل يدرك منها غبطة، ثم أضرب عن ذلك، واستفهم ثانيًا، هل قرب إدراكه لتلك الغبطة.

وأما قوله "وهذا شبيه بقوله تعالى {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ} " فإنه جعل الضمير في قوله {وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} عائدًا على القصير العمر لفظًا ومعنى، ودل عليه مقابله، وهو {مِن مُّعَمَّرٍ}. والنحويون يقولون في مثل هذا إن الضمير عائد على {مِن مُّعَمَّرٍ} لفظًا دون معنى، نحو قولهم: له عندي درهم ونصفه، فالهاء في "ونصفه" عائد على درهم، والمراد به من حيث المعنى: ونصف درهم آخر، فهو عندهم عائد عليه لفظًا لا معنى، والمصنف جعله عائدًا على القصير العمر لفظًا ومعنى، ومتى دار الضمير بين أن يعود على شيء لفظًا دون معنى [وأن يعود على شيء لم يذكر] كان [أن يعود على شيء لفظًا دون معنى] أولى من أن يعود على شيء لم يذكر البتة.

قال المصنف في الشرح: "ومثله قول الآخر:

وما أدري إذا يممت أرضًا أريد الخير أيهما يليني

فثنى الضمير قاصدًا للخير والشر، ولم يجر إلا ذكر أحدهما، ولكن الإشعار بما لم يذكر بمنزلة ذكره" انتهى.

وهذا عندنا مما حذف منه الجملة المعطوفة/ لدلالة المعنى عليها، والتقدير: أريد الخير، وأجتنب الشر، فعاد الضمير على الخير والشر، وحذف الجملة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015