آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ ولَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ}، ويدل عليه/ أيضًا قوله {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلَيَّ}. وأما من قرأ {السَّجْنُ} بفتح السين على أنه مصدر فقد اتضح عود الضمير عليه.
وأما قوله "أو يكون الفعل فعل استثناء" فهذا لم يذهب إليه أحد فيما علمناه، وإنما الفاعل عند النحويين لفعل الاستثناء ضمير مفرد يعود على البعض المفهوم من المعنى، أي: قام القوم حاشا هو -أي: بعضهم- زيدًا، وكذلك باقيها. وقد كان ظهر لي ما قاله المصنف، وأمليته في بعض كتبي القديمة، ولم أجد أحدًا يقوله، فأعرضت عنه.
قال المصنف في الشرح: "ومن الإسناد إلى مدلولٍ عليه قول الشاعر:
أقول إذا ما الطير مرت مخيلةً ... لعلك يومًا- فانتظر- أن تنالها
أؤدرك من أم الحويرث غبطةً ... بها خبرتني الطير أم قد أنى لها
أي: قد أنى لها ألا تدرك؛ لأن ذكر أم بعد الهمزة التي وليها أحد الضدين مشعر بأن ثانيهما مراد، وهذا شبيه بقوله تعالى {ومَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ ولا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ}؛ لأن ذكر المعمر مشعر بمقابله، وهو القصير العمر، فأعيدت هاء {عُمُرِهِ} إليه، ولم يذكر لإشعار مقابله به" انتهى.