فإنه مباين لعجز المركب وللصلة والمضاف إليه فيما ذكر؛ لأنه غير ممتزج بمتلوه، ولا لازم التأخر، ويتأثر بعامل متلوه، وهو معتمد الفائدة لا معتمد البيان. وأيضًا فإن من الفاعل ما يستتر، فلو حذف في بعض المواضع لالتبس الحذف بالاستتار، والخبر لا يستتر، فإذا حذف لدليل أمن التباس كونه مستترًا" انتهى كلامه.
وما ذكره فيه خلافٌ، وإطلاق في موضع التقييد:
أما الخلاف فذهب الكسائي إلى جواز حذف الفاعل وحده دون فعله لدلالة المعنى عليه، ومذهبه مشهور في ذلك في باب الإعمال في نحو: ضربني وضربت الزيدين، وسيأتي ذلك في بابه، ورجحه السهيلي، وابن مضاء من أصحابنا، ودليله هناك مذكور.
وأجاز الكسائي حذفه في غير ذلك، واحتج له بأن حذف الاختصار لا يخرج الكلام إلى غير الإفادة، فكان كالمفعول، ولأن الاختصار يكون في المتلازمين كالمبتدأ والخبر، فكذلك هنا. وقول المانعين "إنه كالجزء منه" إن عنوا ذلك من جهة المعنى فمنقوض بالمصدر، أو من جهة اللفظ فقد يحذف من اللفظ الواحد بعضه للخفة. واستدل عليه بقول الشاعر/:
فإن كان لا يرضيك حتى تردني ... إلى قطري لا إخالك راضيا
ففاعل "يرضيك" محذوف، تقديره: لا يرضيك شيء.
قالوا: ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون أضمر لدلالة يرضي عليه، كأنه