وفي البسيط: "كونها حروفًا أقرب؛ لأنه إما أن يكون ما بعدها فاعلًا، ولا يكون؛ لأن الفعل لا يكون له فاعلان. أو بدلًا، ولا يكون؛ لأنه يقدر حذف وتنزيل شيء منزلة آخر لا يحتاج إليه، والأصل عدمه. والصحيح أنه يحتمل في هذا، ويلزم أن تجعل النون كذلك إذا قلت: قمن الهندات، ولا يكون؛ لأنه فاعل بدليل تغيير آخر الفعل، ولا يكون للعلامة كما في قامت وضربت" انتهى.
ولا يلزم حصره في أن يكون ما بعد هذه العلامات فاعلًا أو بدلًا؛ لأنه قد قيل إنه مبتدأ.
وقوله كضميره يعني أنها ألف تثنية، وواو جمع، ونون جمع، كالضمائر سواء، تطابق ما بعدها كما تطابق لو كانت ضمائر.
وقال السهيلي: "ألفيت في كتب الحديث المروية الصحاح ما يدل على كثرة هذه اللغة وجودتها، نحو ما جاء من قول وائل بن حجر في سجود النبي -عليه السلام- (ووقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقعا كفاه)، ونحو قوله (يخرجن العواتق وذوات الخدور)، ونحو (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)، أخرجه في الموطأ. فالألف والواو والنون حروف، لكني أقول في حديث الموطأ: الواو فيه علامة إضمار؛ لأنه حديث مختصر، رواه البزار مطولًا مجردًا، فقال فيه (إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)، فـ (ملائكة) على هذه الرواية بدل من الضمير في يتعاقبون. وفي آخره