واختلف على ماذا ينتصب هذا: فقيل: إنه نعت لمصدر محذوف، أي: قولًا لاحقًا. وقيل: ينتصب على أنه مفعول به. وهو اختيار ابن عصفور وأبن الضائع، فالا: لأن "الحق" اسم جامد، والوصف بالجامد لا ينقاس، نحو: مررت برجل حجر الرأس. قال ابن الضائع: "والأولى أن يكون مفعولًا صحيحًا؛ لأن الحق هو المقول، فهو مفعول به صحيح". انتهى.
فإن قلت: إذا قلت:/ قال فلان شعرًا، وقال خطبة، ونحوها، أيجوز أن ينتصب انتصاب المصادر النوعية، نحو: رجع القهقري، وقعد القرفصاء، أم يتعين نصبه على أن يكون مفعولًا به؟
قلت: يظهر الثاني لأنه اسم للجملة، فكما أن الجملة الواقعة بعد القول- وإن كانت محكية- هي في موضع المفعول به، فكذلك الاسم الذي بمعناه- وإن كان مفردًا- أريد به مجرد اللفظ، وهو الذي أراد المصنف بالقول خلاف: منهم من أجازه، ومنهم من منعه. واختار المصنف أن ينصب بالقول،
قال: "كقولك: قلت كلمة". وسلفه في هذا القول الزجاجي والزمخشري وابن خروف، وجعلوا من ذلك قوله تعالى (يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ)، لو كان مبنيًا للفاعل لقيل: يقول له الناس إبراهيم، أي: يطلقون عليه هذا الاسم.