وتقول: كم رجلًا زعمت أن الحرورية هم، وكم زعمت أنهم الحرورية رجلًا. فإن قلت رجالًا كان توسيطه بين أسم أن وخيرها، وهو قبيح إلا مع الأفعال، نحو قولك: كم زعمت أن الحرورية رجالًا يخرجون هم، فيكون رجالًا حالًأ مما في يخرجون، ويكون يخرجون خبرًا/ للحرورية، ويكون هم مبتدأ، وهي مكني من كم، ويكون من زعمت التي موضع هم جملة، وكم خبر مقدم على هم، كأنك قلت: كم هي زعمت أن الحرورية يخرجون.

وتقول: كم زعمت أن الحرورية خرجوا رجلًا، فاسدة على التقدير؛ لأنه ليس في قولك ((ن الحرورية خرجوا)) عائد على كم، ورجلًا مفسر على كم، و ((كم)) ابتداء لا خبر له. فإن قلت رجالًا جازت المسألة، وصارت ((كم)) سؤالًا عن الزعم، كأنه قال: كم مرة زعمت أن الحرورية، فإن جعلت رجالًا مفسرين كم فسدت المسألة.

المسألة الثانية عشرة: ظننته زيد منطلق، لا خلاف في جوازها. فإن قدمت منطلقًا على زيد، فقلت: ظننته منطلق زيد، فالبصريون يرفعون على التقديم والتأخير، والكوفيون ينصبون منطلقًا، وهو خطأ عند البصريين لأن الهاء إذا كانت كناية عن الأمر لم يفسره إلا جملة، وقد تقدمت هذه المسألة في وسط الفصل الرابع من باب المضمر في أوائل الكتاب، وشرحناها هناك.

الثالثة عشرة: ظننت زيدًا قائمًا حسنًا، لا خلاف في جوازها. فلو قلت ظننت زيدًا ظنًا حسنًا قائمًا أجاز البصريون، وقالوا: لو قلت زيد ظننت قائم جاز أن يعترض بالظن، فإذا كان الفعل بنفسه يقع هذا الموقع لم يمتنع أن يقع مصدره. ومنع ذلك الكوفيون، وقالوا: المفعول الأول والثاني بمنزلة مفعول واحد، فلا يقع مصدر الظن إلا قبلهما أو بعدهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015