وقال ابن كيسان: وهذا بعيد جدًا في القياس والحكم؛ لأنك إذا دخلت وجب أن يكون ما بعدها صلتها، وأن يكون حكمها وما بعدها حكم أسم واحد، وإذا قدمت شيئًا مما حكمه أن يكون بعدها فقد قدمت بعض الاسم، وأخرت بعضه، ولعل الذي سمع هذا سمعه بغير أن، وتورهم غير ما سمع، أو يكون المتكلم بها تكلم على الغلط. قال: ولو اعتذرنا لهذا لوجدنا له وجيهًا على أنه لم يعتد بـ (أن)، وأجراها مجرى أن التي في قوله عز وجل (وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا)، أو يكون على أن يحذف أسم أن، ويرفع الحرورية على خبر أن، وتكون زعمت وما بعدها في موضع خبر كم، فتكون كم رفعًا بالابتداء، يريد: كم زعمت أنهم الحرروية رجلًا، قال:
............... ولكن زلنجي عظيم المشافر
أي: ولكنك زنجي. وينشد: ولكن زنجيًا، على حذف الخبر، أي: ولكن زنجيًا لا يعرف قرابتي.
ولو قلت: كم زعمت أنهم الحرورية، وأظهر ضمير كم لجازت المسألة، وكانت كم رفعًا. وكذا (لو) قلت: كم زعمت أن الحرورية هم، وأنهم الحرورية. وحسن الابتداء بالنكرة لأن فيها معنى الاستفهام.
ولا يجوز أن تقول: كم زعمت أنهم رجلًا الحرورية، ولا: كم زعمت أن الحرورية رجلًا هم، ولا: كم زعمت رجلًا أن الحرورية، لا يكون المفسر إلا بعد الجملة أو قبل زعمت.