قال البصريون: إنما لم يجز ذلك لأن تصديرك بالفعل دليل على الاعتماد عليه، وأنك جعلت ما بعده في حيز ما قدمت من علم أو ظن، فلا يسوغ إلغاؤها لذلك. قالوا: ويدل على ذلك أنه لا يحفظ إلغاء ظننت أو شيء من أخواتها إذا وقعت صدر كلام.

وأما الكوفيون فاستدلوا على ذلك بقول الشاعر:

كذاك أدبت حتى صار من خلقي أني وجدت ملاك الشيمة الأدب

برفع مفعولي وجدت.

قال ابن عصفور: "ولا حجة فيه؛ لأن وجدت متوسطة بين اسم أن وخبرها، وهي الجملة من قولك: ملاك الشيمة الأدب، ولم يعن بالتوسط إلا أن تجيء وسطًا لكلام لا صدره، وإن كان توسطها بين المفعولين أقوى" انتهى.

فقول ابن عصفور "لأن وجدت متوسطة بين اسم أن وخبرها" لا يظهر؛ لأن الخبر في الظاهر هو وجدت، فلو قال " لأنها لم تتصدر أول الكلام" لكان أجود. ويمكن تصحيح كلامه على أن يكون "ملاك الشيمة الأدب" خبرًا كما زعم، لكن يحتاج إلى رابط، فيحتمل أن يكون ضميرًا محذوفًا، أي: ملاك الشيمة مني، أو تكون الألف واللام نابت عن الضمير على رأي الكوفيين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015