هذه الأفعال هي أربعة عشر فعلًا. وأحترز بها مما لا يتصرف، وهو هب وتعلم. وهذا الاحتراز/ الذي ذكره المصنف لم يتعرض لذكره أصحابنا، فيمكن أن أهملوه لأن ما لا يتصرف منها يجوز في الإلغاء كالمتصرف، فيكون ذلك مخالفًا لما ذكره المصنف، ويمكن أن أهملوه لأن أكثرهم لم يعد فيها غير المتصرف، وإنما ذكروا تعلم في غضون كلامهم، وأهملوا ذكرها حين عدوا هذه الأفعال. ويقال: لما لم يتصرف هذان الفعلان في أنفسهما لم يتصرف فيهما بالإلغاء، بل أقر على أصل الأفعال من العمل.
وقوله في نحو ظننت زيد قائم أي: في مثل ظننت زيد قائم. وكثيرًا ما يأتي هذا المصنف في كلامه بضبط قانون كلي بلفظة "نحو"، وهو في غاية الإبهام؛ لأن المثلية تكون بأدنى شبه، فلا ينبغي أن يضبط ذلك الحكم إلا بقانون كلي، وهو أن يقول في هذا في ظننت وأخواتها: إنها إذا وقعت صدر كلام فالإلغاء - هذا عند المصنف - قبيح، أعني أن تلغى متصدرة.
وهذه مسألة فيها خلاف: ذهب البصريون إلى أنه لا يجوز فيها إذا تصدرت إلا الأعمال. وذهب الكوفيون والأخفش ومحمد بن الوليد وابن الطراوة إلى جواز ذلك، وإن كان الإعمال عندهم أحسن. هكذا أطلق أصحابنا النقل عن الكوفيين. والنقل عن الفراء أنه قال: لا يجوز تقديم الظن وأنت تريد به الاعتراض، يعني أنه لا يلغى متقدمًا.