ومنه قول الشاعر:
يؤرقني أبو حنش وطلق وعمار، وآونة أثالا
أراهم رفقني، حتى إذا ما تفرى الليل، فانخزل انخزالا
إذا أنا كالذي أجرى لورد إلى آل، فلم يدرك بلالا
نصب بها أسمين معرفتين، هما مبتدأ وخبر في الأصل، كما يفعل بـ "رأى" بمعنى علم وبمعنى ظن. ومما يدل على صحة ذلك قوله تعالى {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً}، فأعمل مضارع رأى الحلمية في ضمرين متصلين لمسمى واحد، وذلك مما تختص به علم ذات المفعولين وما جرى مجراها" انتهى.
ولا حجة فيما ذكره: أما "أراهم رفقتي" فإنه يحتمل أن تكون أرى تعدت إلى واحد، وهو الضمير، و "رفقتي" في موضع الحال وإن كان ظاهره التعريف، فهو نكرة من حيث المعنى؛ لأن معنى الرفقة: الرفقاء، وهم المخالطون، فرفيق بمعنى مرافق، فهو بمعنى اسم الفاعل، فإضافته غير محضة كجليس وخليط.
وأما {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً} فلا يلزم مما ذكر أن يتعدى إلى مفعولين، بل يكون ذلك مما جاء في غير ما تعدى إلى مفعولين، نحو فقد، وعدم، ووجد بمعنى أصاب لا بمعنى علم، فإنك تقول فيها: فقدتني، ووجدتني، وعدمتني، فكذلك هذا، ويكون {أَعْصِرُ} في موضع نصب على الحال لا في موضع مفعول ثان