تباينا حكمًا واحدًا كذلك تباينا إطلاقًا وتعبيرًا. فأما {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ} فالمؤمنون لما كانوا وجلين خائفين على إيمانهم حتى كان الصديقون يحذرون النفاق على أنفسهم حتى تمدحوا بذلك، فقال القائل: "ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا كافر"، وقال تعالى {والَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وقُلُوبُهُمْ وجِلَةٌ}، فمدحهم بالوجل والإشفاق. وأما {فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا} فالظن هنا على بابه؛ لأن الكفار لما شاهدوا سعة رحمة الله وتغمده للذنوب والجرائم رجوا مع معاينة النار النجاة منها، فلم يقطعوا بمواقعتها، لكنهم ظنوا ظنًا، ساقه رجاؤهم لله وطمعهم في إجارته إياهم من النار.
وكذلك {وَظَنُّوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ}؛ لأن هؤلاء المخلفين كان لهم تعلق نفوس للنبي صلى الله عليه وسلم واستغفاره الله لهم، فبالتفاتهم إلى جهة الرسول عبر عن اعتقادهم ذلك بالظن. وكذلك قول الشاعر: