وفي (الإفصاح): اختار ابن جني الجواز، واحتج برواية "ولا أنا ممن يزدهيه وعيدكم". ولا حجه فيه لأنه استئناف كلام. وهذا تخليط أوجبه عدم فهم كلام س، فقوله "فلا تحسبني ...... " البيت كلام تام، ثم استأنف: "ولا أنا ....... " البيت. وقوله "ولا أنني" استئناف آخر، أراد: ولا تحسبني أنني، فحذف لتقدم الذكر، وليس مما قال في شيء.
المذهب الثاني: المنع مطلقًا، فلا يجوز العطف فيها على معنى الابتداء عند أكثر المحققين؛ لأن المفتوحة وما عملت به تتقدر باسم مفرد، فإذا قلت "بلغني أن زيدًا قائم وعمرو" على أن يكون (عمرو) مبتدأ، والخبر محذوف، لم يجز أن تكون الجملة معطوفة على موضع (أن) وصلتها؛ لأنها بتقدير اسم مفرد مرفوع على أنه فاعل، فلو عطفت عليه الجملة لزم من ذلك أن تكون فاعلة بـ (بلغ) من حيث كان المعطوف شريك المعطوف عليه، وذلك غير سائغ.
وفي (البسيط): وأما (أن) فلا يعطف على موضعها عند المحققين كأبي علي الفارسي وغيره؛ لأنها لا بد لها من عامل آخر غير أن، فلا يبقى للابتداء فيها مساغ لدخول العامل اللفظي القوي، ولأن الفعل لا يتسلط إلا على ما عمل فيه (أن)، فلا تتدخل على المبتدأ، وأنت لو عطفت على الموضع لجعلت الجملة الابتدائية في موضع معمول الفعل، ولا يكون موضعه إلا بشرط دخول (أن)، فامتنع لذلك.
المذهب الثالث: التفصيل بين أن يكون الموضع الذي وقعت فيه يجوز/ وقوع المفرد فيه ووقوع الجملة أو يكون لا يقع فيه إلا المفرد: