وفي هذا العطف بالرفع ثلاثة مذاهب:

أحدها: الجواز مطلقًا: وهو ظاهر كلام المصنف، والذي صححه. وجعل أبو الفتح والأستاذ أبو علي قول الشاعر:

فلا تحسبني أني تخشعت بعدكم لشيء ولا أني من الموت أفرق

ولا أنا ممن يزدهيه وعيدكم ولا أنني بالمشي في القيد أخرق

من قبيل ما عطفت فيه الجملة على (أن) وصلتها، فجعلوا قوله "ولا أنا ممن يزدهيه وعيدكم" معطوفًا على (أن) وصلتها.

قال الأستاذ أبو علي: وسوغ ذلك كون (تحتسب) من العوامل التي يصلح وقوع الجمل بعدها.

ورد ذلك عليه بأن قوله "ولا أنا ممن يزدهيه وعيدكم" لا يجوز وقوعه بعد (تحسبوا)؛ ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: ولا تحسبوا أنا ممن يزدهيه، وإنما يجوز وقوع الجملة بعد (تحتسب) إذا كان فيها ما يوجب تعليق الفعل عنها، نحو: حسبت ما زيد منطلق.

ويخرج البيت على أن يكون قوله "ولا أنا ممن يزدهيه وعيدكم" جملة اعتراض بين قوله "أني تخشعت" والمعطوف عليه الذي هو "ولا أنني بالمشي" إذ فيها تسديد وتأكيد؛ لأنه إذا كان لا يتخشع لشيء، ولا يفرق من الموت، ولا هو أخرق بالمشي في القيد، كان ولا بد ممن لا يزدهيه الوعيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015