ظن بهم كعسى، وهم بتنوفة ... يتنازعون جوائز الأمثال
/أي: ظن بهم كاليقين، فلما استعملت واجبة بخلاف غيرها من أفعال المقاربة كانت أشد مبالغة في القرب من غيرها؛ إذ الواجب الوقوع أقرب مما ليس كذلك.
وقال ابن يسعون: "استغنوا بلزوم الفعل الذي هو خبرها عن أن يبنوا منها مستقبلًا لأنها للتراخي، واستعمل الماضي فيها دون الحاضر والآتي لخفته ولما حاولوه من وقوع ما أملوه".
وقال الأستاذ أبو علي: لما كانت عسى في معنى قرب وقارب استغنوا عن أن يبنوا منها مستقبلًا بقولهم سيقرب وسيقارب، كما استغنوا ب"ترك" عن ذر وودع لما كانت بمعناها.
وقال ابن عصفور: "أنت على صيغة الماضي لما كان معناها ماضيًا؛ ألا ترى أنك لا تقول عسى زيد أن يقوم إلا وقد استقر الرجاء في نفسك لقيامه قبل ذلك، ولا تلتفت إلى كون القيام غير واقع، فإن ذلك لا يرجع إلى معنى عسى بل إلى المترجَّى.
فإن قلت: إذا كان المعنى مستقرًا في نفسك فهو في الحال أيضًا مستقر، فهلا كانت لها صيغة بالنظر إلى ذلك؟
فالجواب أنها لكثرة الاستعمال اختير لها الماضي لخفتها، وسوغ ذلك إرادتهم بها معنى الاتصال والدوام، وصيغة الماضي يجوز استعمالها فيما يراد به ذلك، ومنه {وكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}، وقول الكميت: