توهم أنه قال مكان لن ترى: لست براء، ومكان لم يكثر: ليس بمكثر غنيمة، فعطف "ولا متدارك" على توهم: لست براء، وعطف "ولا بحقلد" على: ليس بمكثر.
وقوله وقد يفعل ذلك في العطف إلى آخر المسألة أنشد المصنف:
وظل طهاة اللحم من بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجل
وقال: "لأن المنصوب باسم الفاعل يجر كثيراً بإضافته إليه، فكأنه إذا انتصب مجرور، وجواز جر المعطوف على منصوب اسم الفاعل مشروط بالاتصال كاتصال منضج بالمنصوب، فلو كان منفصلا لم يجز الجر، نحو أن يقال: من بين منضج بالنهار صفيف شواء؛ لأن الانفصال يزيل تصور الإضافة المقتضية للجر، فلذلك لا يجوز جر المعطوف مع انفصال اسم الفاعل من معموله".
وهذا الذي ذكره من جر المعطوف فيما ذكر لا يجيزه أصحابنا، لا يجيزون: هذا ضارب زيداً وعمرو، وهي مسألة ليست من الباب الذي نحن فيه، وإنما ذكرها على سبيل الاستطراد.
وأما البيت فلا شاهد فيه، وإذا جعل معطوفاً على مراعاة جر "صفيف" فسد المعنى لأنه يصير التقدير: من بين منضج صفيف أو قدير، فكأنه قال: من بين منضج أحد هذين، فيكون قد قسم الطهاة - وهم الطباخون -إلى قسمين: أحدهما منضج صفيف أو قدير، والآخر لم يذكره؛ لأن "بين" تقتضي وقوعها بين شيئين أو أشياء، ولا تدخل على شيء واحد.