وقول الآخر:
من صد عن نيرانها ... فأنا ابن قيس لا براح
قال: "فحذف الخبر ومثله قول الآخر:
والله لولا أن تحش الطبخ ... بي الجحيم حين لا مستصرخ"
قال: "فهذا وأمثاله مشهور، أعني إعمال "لا" في نكرة عمل ليس" انتهى.
ولا حجة في هذه الأبيات الثلاثة إذ يحتمل أن تكون: ذو شفاعة، وبراح، ومستصرخ مبتدآت إذ ليس فيها خبر يظهر نصبه؛ إذ قوله "بمغن" مشغول بحرف الجر، فيحتمل أن يكون في موضع رفع، و"براح" و"مستصرخ" لم يذكر لهما خبر البتة، فيحتمل أن يكون المحذوف مرفوعاً، فلم يبق ما يدل على أنها تعمل عمل "ليس" إلا البيتان السابقان، وهما من القلة بحيث لا تبنى عليه القواعد.
لا يقال: الذي يدل على أن "لا" في الأبيات السابقة عملت عمل "ليس" كونها لم تتكرر؛ لأنها إذا كان بعدها المبتدأ تكررت، وإذا عملت عمل "ليس" لم يلزم تكرارها؛ لأن تكرارها على مذهب أبي العباس لا يلزم، وقد جاءت غير مكررة وبعدها المبتدأ في قوله:
بكت جزعاً، واسترجعت، ثم آذنت ... ركائبها أن لا إلينا رجوعها