وأما السماع فقول العرب في نثرها وسعة كلامها: "إن ذلك نافعك ولا ضارك"، و"إن أحد خيرًا من أحد إلا بالعافية"، بنصب نافعك وضارك وخيرًا، حكي ذلك الكسائي عن أهل العالية، وأنه سمعهم يقولون ذلك، وسمع أعرابيًا يقول: "إن قائمًا"، فأنكرها عليه، وظن الكسائي أنها "إن" المشددة وقعت على "قائم"، قال: فاستثبته، فإذا هو يريد: إن أنا قائمًا، فترك الهمز، ثم أدخل النون في النون، كما قال جل وعز {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}، وقرأ سعيد بن جبير {إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ}. وخرجه أبو الفتح على أنها "إن" النافية، وقال: "معناه: ما الذين تدعون من دون الله عبادًا أمثالكم، يعني في الإنسانية، وإنما هي حجارة ونحوها مما لا حياة له ولا عقل، فضلالكم بعبادتهم أشد من ضلالكم لو عبدتم أمثالكم".

/ولا يتعين هذا التخريج، بل تحتمل هذه القراءة الشاذة أن تكون "إن" هي المخففة من الثقيلة، ويكون قد أعملها، ونصب الخبر بها على حد ما جاء ذلك في "إن" المشددة في قول عمر بن أبي ربيعة:

إذا اسود جنح الليل فلتأت، ولتكن خطاك حثاثًا، إن حراسنا أسدا

وهذا التخريج أحسن، بل يتعين لتوافق القراءتين، وأما تخريج أبي الفتح ففيه تنافي القراءتين، ولا يناسب هذا التنافي في القرآن، بل يستحيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015