قال الفراء: فإن قلت "ما زيد إلا عمرًا يضرب" فهذه فاسدة في التقدير لأن "إلا" لا يكون بعدها حرفان، ثم أجازها على قبح. وهذا كلام جيد على مذهب البصريين.
وقال صاحب "رؤوس المسائل": "إن قدمت مفعول الخبر الذي هو صفة مشتقة عليه بعد "إلا" لم يجز النصب عند البصريين" يعني مثل: ما زيد إلا عمرًا ضارب، لا يجوز النصب في ضارب. قال: "وأجازه الكسائي والفراء إلا أنهما اختلفا في التوجيه" انتهى. فوجهه الكسائي على أنه كأنه استثناء، وليس هذا موضع استثناء، ووجهه الفراء على أن المعنى: ما زيد إلا ضاربًا إلا عمرًا، وهذا بعيد لأن الأولى أن يكن ما بعد "إلا" داخلًا في الإيجاب.
قال الصفار: ولا يجيز الفراء: ما عبد الله إلا بالجارية كفيل، وما بالجارية إلا عبد الله كفيل؛ لئلا يصير بعد "إلا" حرفان، وكذا لا يجيز: ما كان إلا عبد الله قائمًا، ولا يكون، كذا حسبت وظننت، وذلك جائز عند البصريين والكسائي إلا أن الكسائي يجعل "إلا" بمعنى غير، يريد: ما كان غير عبد الله قائمًا، فيجعل "إلا" في موضع "غير" في الجحود، وفي كل موضع صلحت فيه "أحد".
وقوله وفاقًا لسيبويه في الأول يعني في نصب خبر "ما" متوسطًا، فتقول ما منطلقًا زيد.
وهذا الذي ذكره عن س من جواز إعمال "ما" ونصب ما توسط من الخبر ليس مذهب س، قال س: "وإذا قلت: ما منطلق عبد الله، وما مسيء من أعتب، رفعت، ولا يجوز أن يكون مقدمًا مثله مؤخرًا، كما أنه