وأجاز المصنف في (بما كان إياهم عَطيةُ عَوَّدا) أن تكون (كان) زائدة. وأجاز أيضاً أن تكون (ما) بمعنى الذي، وفي (كان) ضمير عائد على (ما)، هو اسمُها، وعطية: مبتدأ، وعَوَّدَ: خبره، وهو يتعدى إلى اثنين: أحدهما إياهم، والثاني هاء عائدة على (ما)، حُذفت، وهي مقدرة.
وما احتجَّ به المصنف لهم من البيتين ظاهرُ الدلالة على جواز: كان طعامَك زيدٌ آكلاً، وذكر أنَّ البيت الأول يقوي ما ذهب إليه الكوفيون، وقال: (أراد: بانت ذاتُ الخال/ سالبةُ فؤادي، فقَدَّم منصوبَ الحال على مرفوع عاملها، وهو شبيه بما منعه البصريون من تقديم منصوب كان على مرفوعها) انتهى.
وقال في قوله:
لئن كان سَلمى الشيبُ بالصَّدِّ مُغْرياً ...............................
(لا سبيل إلى ضمير الشأن لظهور النصب في الخبر، فسلم الدليل، ولم توجد لمخالفته سبيل).
وما ذهب إليه المصنف من سلامة الدليل وأنه لا سبيل إلى مخالفته ليس كما ذكر لاحتمال أن يكون (فؤادي) ليس معمولاً ل (سالبةَ)، ولا (سَلمى) معمولاً لقوله (مُغْرِياً)، بل هما مُنادَيان، كأنه قال منادياً لسلمى: لئن كان - يا سلمى - الشيبُ بالصَّدِّ - أي بِصَدِّكِ - مُغرياً، وقال منادياً لفؤاده: بانت - يا فؤادي - ذات الخال سالبةً، أي سالبةً لك، وإذا احتمل أن يكون منادَيَيْنِ لم يكن في ذلك حُجة؛ لأنه إذا دَخل الدليلَ الاحتمالُ سقط به الاستدلال، فلو كان مكان (سَلمى) و (فؤادي) اسم يظهر فيه الإعراب نصباً كان يسلم الدليل، لكنه لا يظهر فيه النصب، فاحتمل ما قاله