قال: ومما يؤكد ذلك أن الشيء إذا احتمل حمل على الأقوى والأقرب لئلا يقع لبس, كقولك: ضربت جالسًا زيدًا, فجعلك "جالسًا" حالًا من التاء هو الوجه لا من "زيد", ويؤكد ذلك أنك إذا جعلت "كان" غير زائدة كنت قد فصلت بين الصفة والموصوف بجملة, وذلك ضعيف, وأيضًا فإنه إذا كان للشيء صفتان مفردة وجملة كان تقديم الصفة المفردة أولى".
واحتج أبو الفتح للخليل بأن قال: "وجه زيادتها في هذا البيت أن يعتقد أن الضمير المتصل وقع موقع المنفصل, والضمير مبتدأ, و"لنا" الخبر, ولكنك لما وصلت أعطيت اللفظ حقه, ولم تعتقد أن الواو مرفوعة بكان" انتهى.
وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور: "أصل المسألة: وجيران لنا هم كرام, فـ"لنا" في موضع الصفة, وهم: فاعل بـ"لنا" على حد: مررت برجل معه صقر صائدًا به غدا, لأن س نص على أن صقرًا مرفوع بـ"معه", لأنه لو قدم خبرًا لصقر كانت النية به التأخير, إذ النية في الخبر أن يكون بعد المبتدأ, وإذا كان صفة, وصقٌر مرفوع به, كان في موضع لا ينوي به التأخير, واللفظ إذا أمكن أن يكون في موضعه لم يجز أن ينوي به الوقوع في غير موضعه, ثم زيدت "كان" بين "لنا: و"هم" لأنها تزاد بين العامل والمعمول, فصار: لنا كان وهم, ثم اتصل الضمير بكان وإن كانت غير عاملة فيه, لأن الضمير قد يتصل بعير عامله في الضرورة, نحو قوله: