والطريقة الأخرى: تقييد الجملة بأن تكون فعلًا مرفوعة ضمير مستتر فيه، نحو: كان زيد يقوم، فمنهم من أجاز تقديمه، وجعل من ذلك قول الشاعر:
وأصبح في لحد من الأرض ميتًا وكانت به حيًا تضيق الصحاصح
في "الصحاصح" عنده اسم "كانت"، و"تضيق" الخبر.
ومنهم من منع، فاسم "كانت" ضمير القصة، و"تضيق الصحاصح" فعل وفاعل في موضع خبر اسم "كانت" الذي هو ضمير القصة.
واستدل من منع ذلك بأن هذه الأفعال داخلة على ما أصله المبتدأ والخبر، فكما إذا قلت: "الصحاصح تضيق" لا يجوز تقديم "تضيق"، ويكون خبرًا للمبتدأ، فكذلك خير هذه الأفعال.
واحتج من أجاز التقديم بأنه إنما لم يجز "تضيق الصحاصح" على أن يكون "تضيق" خبرًا مقدمًا لأنه لا يمكن إعمال الابتداء في "الصحاصح" مع وجود الفعل قبله لأن الابتداء معنى، والفعل لفظ، والعامل اللفظي أقوى من العامل المعنوي.
ولك في البيت أن تجعل "تضيق" خبرًا مقدمًا، و "الصحاصح" اسم "كان". ولك أن تجعل "الصحاصح" فاعلًا بـ "تضيق". فلما كان كل واحد من العاملين - وهما كان وتضيق - لفظيًا لم يكن أحدهما أولى بالعمل من الآخر، فجاز الوجهان.
قال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور: والصحيح المنع من تقديم الخبر إذا كان فعلًا مرفوعه ضمير مستتر فيه؛ لأن الذي استقر في باب "كان" أنك