وقد استدل بعضهم على جواز ذلك بقوله تعالى: {أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ}، فـ "إياكم" معمول لقوله: "يعبدون"، وهو خبر وتقدم المعمول يُؤذن بتقديم العامل، فلو لم يكن {يَعْبُدُونَ} جائزًا تقدمه على {كَانُوا} لم يجز تقديم معموله. وكذلك قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ}. وأما قوله تعالى: {كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ} فقيل: {كَذَلِكَ} خبر مقدم. وقيل: {كُنتُم} تامة.
وإذا كان الخبر اسمًا فيه معنى الاستفهام وجب تقديمه، نحو قولهم: ما جاءت حاجتك؟ فيمن رفع حاجتك، فـ "ما" خبر تقدم، كأنه قال: أية حاجة صارت حاجتك؟ على أنه يحتمل أن تكون "ما" مبتدأ، وخبر "جاءت ضمير محذوف. وقد مثل بعضهم ذلك بقوله: أيًا كان أبوك؟ فإن كان الخبر ظرفًا فيه معنى الاستفهام فقد تقدم أنه يجب تقديمه، وكذلك "كم".
قال المصنف: "ومن عُروض المانع خوف اللبس نحو: كان فتاك مولاك، وصار/ عدوي صديقي. وحصر الخبر نحو: إنما كان زيد في المسجد. واشتمال الخبر على ضمير ما اشتمل عليه الاسم، نحو: كان بعل هند حبيبها، فيجب تأخير الخبر في مثل هذا؛ لأنه لو وُسط أو قُدم لزم عود الضمير على متأخر لا يتعلق به العامل. وبعض النحويين لا يلزم تأخير الخبر في مثل هذا لأن المضاف والمضاف إليه كشيء واحد، فلو وسط الخبر، فقيل: "كان حبيبها بعل هند" لم يضر لأن الضمير عائد على ما هو كجزئه مقدر التقديم معه؛ إذ لا يتم معناه إلا به. ويلزم من جواز