ذلك على أن المنفي بـ"ما" لا يكون خبره مفردًا طلبيًا، فلا يجوز: أين ما كان زيد؟ ولا: أين ما زال زيد؟ وينبغي أن يجري فيه خلاف ابن كيسان في إجازته: قائمًا ما زال زيد، بل ينبغي أن يوجب هنا التقديم لأجل الاستفهام.

وقوله لا توسيط "ليس" خلافًا للشلوبين قال المصنف في الشرح: "أجاز أبو علي الشلوبين أن يقال: أين ليس زيد؟ بناء على اعتقاد جواز تقديم خبر ليس، وقد تقدمت الدلائل على أن الصحيح منع تقديم خبرها، فالحق أحق أن يتبع، ولا مبالاة بمن منع" انتهى. فقوله: "وقد تقدمت الدلائل" إلى آخره لم يتقدم له دليل على ذلك، ولا ذكر المسألة إلا بعد ذلك بأسطار كثيرة، قال: "ولا يتقدم خبر ما دام اتفاقًا، ولا خبر ليس على الأصح". وحين شرح هذا الكلام ذكر الأدلة، فقوله: "وقد تقدمت" ذهول منه.

ولا ينبغي أن يرد على أبي علي الشلوبين بما رد به المصنف، إنما يرد عليه بأن "ليس" إنما موضوعها نفي الأخبار لا نفي الذوات، ومتعلق النفي إنما هو الخبر، وهو الذي يحتمل الصدق والكذب، فيحتمل أن ينفى، ويحتمل أن يثبت، وإذا كان كذلك فالاستفهام ليس هو إذا وقع خبرًا لـ"ليس"، وذلك بخلاف ما زال"، فغن "ما زال" صورتها النفي، ومعناها الإيجاب، فكما يجوز: أين كان زيد؟ يجوز: أين لم يزل زيد؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015